شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الاستعمار عن بعد

الاستعمار عن بعد
لا يرغب ولا يستطيع العالم الغربي تحمل نفقات استعمار دولة عربية أو التدخل العسكري البري المباشر بها؛ بعد تجربة العراق التي أثبتت أن الفكرة جنونية ومكلفة وغير مجدية، لكن الحاجة إلى التدخل والاستعمار والاحتلال لم تتغير بل زادت

لا يرغب ولا يستطيع العالم الغربي تحمل نفقات استعمار دولة عربية أو التدخل العسكري البري المباشر بها؛ بعد تجربة العراق التي أثبتت أن الفكرة جنونية ومكلفة وغير مجدية، لكن الحاجة إلى التدخل والاستعمار والإحتلال لم تتغير بل زادت في ظل الفوضى والإرهاب الذي بهدد الغرب.

التهديد الصادر من الشرق الأوسط ومن العراق وسوريا بالتحديد على شكل إرهاب “داعش” يتطلب ردًا غربيًا، لكن الرد سيكون بالقصف الجوي والغارات وتدمير كل منشأة تساعد داعش في الاستقرار كدولة أو كينونة تخطط وتنفذ العمليات الإرهابية، محاصرة مناطق نفوذ داعش ومنع وصول الإمدادات العسكرية والمالية لها هي سياسة الغرب في إحتواء الدول المارقة لخنقها وقطع شرايين الحياة عنها مما يقود إلى إسقاطها داخليًا في نهاية المطاف.

هذا النوع الجديد من الاستعمار هو فعلًا إستراتيجية أوباما التي أنتجها العالم الغربي بظروفه وتحدياته وهو عودة إلى إستراتيجية الحصار التي تم استخدامها مع العراق في التسعينيات عندما حاصر الغرب نظام صدام حسين واستمر بقصفه من الجو لمنعه من التصرف كدولة ذات سيادة على أرضه، التكلفة الإنسانية كانت باهظة طبعًا ولكن الثمن يبدو مقبولًا اذا كان الخيار الآخر هو سقوط الآف الجنود الأميركيين في معركة برية غير مجدية في إحتواء النظام أو الدولة المارقة عن سياسة الغرب ومصالحه.

ورأينا إستراتيجية الحصار والتهديد بالقصف التي استخدمتها الولايات المتحدة ضد إيران تفعل باقتصادها الأفاعيل واستمرت بإيقاف عجلة الاقتصاد سنوات طويلة حتى تم توقيع الاتفاقية النووية تحت تهديد عودة الحصار وربما القصف.

إذًا هذا هو الاستعمار الغربي الجديد بأدواته الجديدة، النظام البنكي العالمي ومؤسسات الإقراض ومؤسسات الرقابة والإستخبارات والطائرات من دون طيار وبتكلفة بسيطة نسبيًا ولكن بقدرة هائلة على إستعمار أي دولة عن بعد.

إنه الاستعمار عن بعد بأدواته الجديدة وأساليبه التكنولوجية المتقدمة وأدواته لتغيير الدول والخرائط بأسلوب الفوضى الخلاقة، إنه استعمار لا يمكن طرده إلا بنفس الأسلحة التكنولوجية والعلمية التي يفتقر إليها العالم العربي لأنه يعيش في الماضي وينشغل داخليًا بالإرهاب ضد الذات ويصدر للعالم ما يستطيع منه ليرد العالم بتشديد الخناق بأدوات الاستعمار الجديدة: القصف والحصار.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023