شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تطبيع تركيا مع إسرائيل لا يدعم فلسطين

تطبيع تركيا مع إسرائيل لا يدعم فلسطين
رَفَضَ أهل غزة أنفسهم أن يعترفوا بإسرائيل مقابل أن تفك الحصار عنهم، صمدوا وقاوموا وقدموا آلاف الشهداء، ثم يأتى اليوم من يبرر التطبيع التركي مع إسرائيل برغبتها فى تخفيف الحصار.. عجبا.

 

رَفَضَ أهل غزة أنفسهم أن يعترفوا بإسرائيل مقابل أن تفك الحصار عنهم، صمدوا وقاوموا وقدموا آلاف الشهداء، ثم يأتى اليوم من يبرر التطبيع التركي مع إسرائيل برغبتها فى تخفيف الحصار.. عجبا.

***

هذا ليس حديثا عن الاتفاق التركي الإسرائيلى، بقدر ما هو حديث إلى قطاع مهم من الشباب العربي ذو المرجعية الإسلامية، الذي أثق في إخلاصه ووطنيته وحبه لفلسطين وكرهه لإسرائيل، ولكننى أجد في مواقفه وانحيازاته درجة من الالتباس والخلط والخطأ الجسيم، حين أراه يرحب بكل مواقف تركيا أردوغان حتى لو كانت تخالف ثوابته الوطنية والعقائدية، ناسيًا أنه وفقا للحكمة الشهيرة فإنه “يعرف أردوغان بالحق ولا يعرف الحق بأردوغان”.

***

أعلنت كل من تركيا وإسرائيل أنهما قد توصلا إلى اتفاق جديد لتطبيع العلاقة بينهما ينص على اعتذار إسرائيل لتركيا على اعتدائها على سفينة مافي مرمرة عام 2010 ودفع 20 مليون دولار تعويضات للضحايا مقابل سحب تركيا الدعاوي المقدمة ضد ضباط الاحتلال المسئولين عن العدوان. والتنازل التركي عن شرط فك الحصار عن غزة، مع السماح لها بتقديم مساعدات إنسانية عبر ميناء أشدود الإسرائيلي وكذلك بناء محطتي كهرباء وتحلية مياة.

ويشمل التطبيع عودة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة مثل استئناف الطرفين للتعاون الاستخباري الأمني فيما بينهما، واقتصاديا سيبدأ الجانبان بمحادثات حول مد أنبوب غاز طبيعي من حقول الغاز بالبحر المتوسط لتركيا، لتتمكن من فتح سوق جديدة للغاز الإسرائيلي في الأسواق الأوربية..الخ

***

وبمجرد ظهور التحليلات والتصريحات وردود الفعل الرافضة لكل تطبيع مع العدو الصهيونى بما في ذلك التطبيع التركي، فوجئنا أن قطاعا كبيرا من اخوتنا وأصدقائنا وأبنائنا في التيار الإسلامى، دافعوا عن أردوغان وعن الاتفاق، بل قام بعضهم بتحيته وشكره على جهوده لدعم غزة ورفع الحصار عنها، معتبرين أن أى نقد له إنما هو جزء من الحملة الرسمية المصرية ضد الدولة التركية التي انطلقت بعد صيف 2013. هذا رغم أنهم دائما ما يشاركون ويرحبون بحركة المعارضة الوطنية الشديدة، عن حق، للسيسى والنظام المصري الذى ذهبت علاقاته الحميمة مع إسرائيل إلى أبعد مدى. وكأن ما هو محرّم على السادات ومبارك والسيسي، مباح لأردوغان.

***

إن الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها من تركيا أو من غيرها، لا يمكن أن يقدم أى دعم لفلسطين أو للفلسطينيين، فكيف تدعمهم وأنت تعترف بمشروعية اغتصاب أوطانهم، إنما أنت تقوي عدوهم وتطيل عمر كيانه وتخفف من عزلته وتدعو دولًا أخرى للاحتذاء بك والتطبيع معه، والأهم من كل هذا أنك ترسل رسائل مضللة لوعى الشباب العربى والمسلم والحر فى كل مكان حين تنتهك ثوابتهم ومعتقداتهم وتمررها تحت رايات وطنية أو إسلامية أو خيرية، ناهيك على ما في التعاون والتطبيع العسكري والامني والاقتصادي من مكاسب سيحققها هذا الكيان الاستيطاني الباطل، وسيحولها إلى أدوات للقتل والطرد ومزيد من الاحتلال.

***

لقد تصور الكثيرون وانتظروا أن يطور أردوغان غضبه من الاعتداءات الإسرائيلية ومن حصار غزة، ويعلو بسقف مواجهته لإسرائيل بأن يقوم بقطع العلاقات وسحب اعترافه بشرعيتها ويعمل على تطهير تركيا والأتراك من هذه السبة والسقطة التي طالتهم منذ عام 1949 حين كانوا ثانى دولة تعترف بإسرائيل بعد إيران.

ولكنه لم يفعل، وإنما سعى لترميم العلاقات وإصلاحها وإعادة المياه لمجاريها.

يقول المدافعون عنه، إنه يفعلها مضطرا نظرا للضغوط الاقليمية والداخلية والاوروبية التى يتعرض لها، ونرد عليهم بأنه لا أعذار للتطبيع مع إسرائيل، فلقد بيعت فلسطين ألف مرة بعشرات الذرائع، وإذا كنا قد رفضنا ذريعة السادات ” بأنه لا سبيل إلى استرداد سيناء فى ظل الدعم الأمريكى واختلال موازين القوى، إلا بالصلح والسلام مع إسرائيل” فكيف نقبل ذرائع الآخرين الواهية؟

ويقولون، لقد باع العرب فلسطين، فلماذا تعاتبون الأتراك؟

ونرد بأن خيانة النظم العربية لفلسطين لا تعطي ترخيص بالخيانة لأي دولة أخرى، خاصة من الدول التي يروج لها “البعض”أنها زعيمة الأمة!

لقد آن الأوان لكي يتيقن الجميع أنه لا مكان في مقاعد الريادة والقيادة للعرب أو للمسلمين لأي دولة أو نظام أو حاكم يعترف بإسرائيل ويطبع معها، لا فرق في ذلك بين مصر وتركيا.

ويقولون هو على الاقل يحاول المساعدة في رفع الحصار، فماذا فعلتم انتم؟

ونرد بأنه ليس صحيحا أنه يفعلها من أجل غزة وفلسطين، وإنما من أجل مصالحه الوطنية والإقليمية.

كما أن الفهم الصحيح للاتفاق التركي الإسرائيلي فيما يتعلق بغزة، يتطلب الإجابة على سؤال:  ما هو حصار غزة؟
الحصار هو منع دخول أي بضائع إلي غزة إلا تحت الرقابة الإسرائيلية من معبر كرم أبو سالم وليس من معبر رفح. وأيضا تقييد حركة الأفراد من والي القطاع من معبر رفح إلا وفقا للتنسيق الأمني المصري الإسرائيلي.
حسنا وماذا تم في الاتفاق التركي الإسرائيل؟

تخلت تركيا عن مطلب رفع الحصار عن غزة مع السماح بدخول مساعدات تركية إلى غزة تحت الرقابة الإسرائيلية أيضا من ميناء ‏أشدود، بالإضافة إلى عمل محطة كهرباء ومحطة تحلية مياه.

والسؤال التالى: لماذا يحاصرون غزة؟

والإجابة واضحة ومعلومة للجميع، يحاصروها لإكراه المقاومة على إلقاء وتسليم سلاحها، والاعتراف بشرعية إسرائيل على 78% من أرض فلسطين، والقبول بمقررات أوسلو.

وماذا يفعل التطبيع التركي أو أى تطبيع أخر مع إسرائيل سوى تثبيت وتأكيد وتدعيم الاعتراف بإسرائيل وشرعية الاحتلال ومكانتها الإقليمية؟

إن الدعم الحقيقي والوحيد الذى تحتاجه فلسطين وشعبها وقضيتها، هو قطع علاقتها مع إسرائيل، وسحب اعترافها بها، وتجريدها من شرعيتها.

***

إن هذه القضية ليست سوى مثالا صارخا على الأخطاء والخطايا التي يمكن أن يقع فيها كل من يتوهم أنه من الممكن لأى دولة أو رئيس أو زعيم تغليب أفكاره وشعاراته الأيديولوجية على مصالح بلاده الوطنية.

قد يكون أردوغان رئيسا مناسبا في رأى الأتراك او أغلبيتهم، لكنه ليس زعيما للعرب ولن يكون.

ولقد قالها أردوغان نفسه فى عشرات الخطب حين أعلن بوضوح وإصرار على مبادئه الأربعة المقدسة وهي:

1) أمة تركية واحدة

2) شعب تركي واحد

3) وطن تركي واحد

4) دولة تركية واحدة

فلا تحملوه هو أو غيره ما لم يدعيه لنفسه.

إن الذين يطرحون اليوم تركيا أو إيران، أو من طرحوا في الماضي القريب الاتحاد السوفيتى كقيادة لهم ولحركاتهم ولمشروعاتهم السياسية او الثورية، متجاوزين الروابط الوطنية والقومية، يرتكبون اخطاء جسيمة، أثبتت كل تجارب الشعوب ما بها من وهم وما تنتهى إليه من فشل.

***

 إن تبعية واستسلام وتواطؤ وفساد واستبداد الأنظمة العربية، جنبًا إلى جنب مع انقسام الواقع العربى إلى محاور إقليمية تتصارع وتتقاتل وتتنافس، قد تسبب للأسف الشديد في إفساد وتضليل وتشتيت قطاعات واسعة من الشباب وتفريقهم انحيازا إلى هذا المحور أو ذلك، محاور إقليمية تديرها إسرائيل أو السعودية أو تركيا أو إيران، أو تحالفات دولية أمريكية وروسية.

إلى مثل هؤلاء من أبنائنا الأعزاء نقول، إنه لا أحد من هؤلاء يمثلنا ويعبر عن مشروعنا وأحلامنا وغاياتنا في الحرية والتقدم والاستقلال.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023