شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

سيناء مُحتلة – أيمن عبد الغني

سيناء مُحتلة – أيمن عبد الغني
، لا أتعمد أن أُثير روحك الوطنية الممزوجة بروحك العاطفية الفياضة تجاه وطنك -فهو بالقطع ليس وطنك وحدك- ، بل أتعمد أن أعبر عن الحقيقة في نصف جملة عابرة.

فضلاً ليس أمراً سيدي القارئ الوطني، لا تشمئز من عنوان المقال ، لا أتعمد أن أُثير روحك الوطنية الممزوجة بروحك العاطفية الفياضة تجاه وطنك -فهو بالقطع ليس وطنك وحدك- ، بل أتعمد أن أعبر عن الحقيقة في نصف جملة عابرة.. عبارة عن مبتدأ وخبر فقط لا غير ، الحقيقة اللعينة ، الحقيقة اللي لطالما تعمد دائماً “المواطنون الشرفاء” إنكارها وسار علي نهجهم “المواطنون العاديون”.

لو كان بإستطاعتي أن أجعل كذبة أبريل من كل عام هي تحرير طابا لفعلت ذلك إسناداً إلى زعم ذكراها في الخامس والعشرون من نفس ذات شهر الكذبة شهر إبريل ، حيث أن يوم تحرير طابا هو على حد ما تعلمت في مدارسنا أنه بمثابة النهاية الرسمية والحتمية لإحتلال أي شبر أرض من أراضي الفيروز ، ليست كذبة إنقاصاً من الحدث العظيم لكن إعتراضاً علي كلمة “تحرير” ، فلا تحدثني الآن عن من الذي أحتل ، إسرائيل أم الإرهاب.. النتيجة في النهاية واحدة ، فحرصاً على الوطنية كما يدعون ؛ جّملوا وجّودوا ونجّموا في بحور التأليف حتى يجدوا مسمى جديد مؤلف بإحترافية بعيداً عن مسمى “سيناء محتلة” حتى توصلوا إلى “الإرهاب فى سيناء”، وكأنهم الذين تفوقوا في عبقريتهم على “إينشتاين” فكشفوا عن لغز طال إنتظار إكتشافه ، أي وكأن الإرهاب ليس إحتلالاً.. وكأن الإحتلال ليس إرهاباً.

الإرهاب في سيناء متواجد منذ زمن ، تحديداً منذ حقبة التسعينيات ، أي بعد ٨ سنوات فقط تقريباً من زعم إستقلال سيناء بأكملها عام ١٩٨٢ ، تقريباً لم يعش أهالي سيناء في سلام وأمان وإطمئنان تام سوى في تلك الثمانية أعوام ، هذا الإرهاب الذي كان تحت مسمى “تنظيم القاعدة” ، الآن تطور كما كل شئ تطور ، أصبح مسماه “داعش” و “أنصار بيت المقدس” ، هؤلاء فقط أناس أرادوا بالإسلام سوءاً ، يحرمون مايشاءون ويحللون ما تهوى أنفسهم ، يحللون قتل نفس بشرية بريئة وما حلل الله ذلك ، قال جل جلاله : (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) [سورة المائدة ـ الآية 32] ، والبعض الأخر منهم وهم جنودهم فقط يفعلون ما يأُمرون ، تركوا عقولهم وقلوبهم في المرحاض ، بل وجعلوا المكان الذي خلقه الله لعقولهم وقلوبهم مرحاضاً خاصاً لقادتهم الذين ينعمون في حجورهم واضعين قدماً فوق قدم ، يقولون أنهم -حاش لله- يتبعون سُنة نبي الله محمد -صلى الله عليه وسلم- ؛ إذن رسول الله خاض بنفسه جميع غزواته وحروبه مع أنصاره وصحابته الكرام ، لم يبقى في بيته بجوار عائشة وفاطمة وقال لجنوده أذهبوا وحاربوا وأفيدوني بأواخر الأنباء ، فلماذا هم لا يشاركون جنودهم عملياتهم الإنتحارية؟!.

لا أريد أن أحول مسار المقال إلى موضوع تعبير إنشائي عن “الإرهاب في سيناء” في أختبار ثانوية عامة عقيم ، تكلمنا وتحدثنا وهتفنا مراراً وتكراراً ولعنا هؤلاء حتى مل الحديث منا. 

لكن هنا السؤال ، هل وصلت بنا حالة الهشاشة إلى هذا الحد؟! ، الحد الذي جعلنا غير قادرين على مواجهة حُثالة من الأغبياء ، ربما هنا سيدي القارئ سيخطر على خاطرك الفكرة المعتادة المملة ؛ فكرة “هذا تنظيم قوي ومُدرب بأفضل الوسائل والأسلحة ، كان الله في عون جيشنا” ، سيدي لدينا جيش عظيم صاحب إنتصارات أكتوبر المجيدة ، جيش لا يُقهر ، حتى عندما قُهر في ١٩٦٧ رد الصاع صاعين أو أكثر ، هكذا تعلمنا في مدارسنا ، ربما هذا القارئ كان سيرد علىّ بسذاجته المعهودة “ليس كل شئ يظل علي حاله”.. !!.

أن تعلم أين تكمن مصيبتك ومن ثم البحث عن إيجاد طرق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه فهذه هي العقلانية ، لكن أن تعلم مصيبتك وتُعاند كل من يقدمون الحلول لك فهذه هي ما تسمى “العجرفة” بأم عينها ، حيث فقط تكتفي بأن تعلن حالة الطوارئ عند حدوث إنفجاراً في الشيخ زويد أو مقتل أحد جنودك في العريش ، وكأن حالة الطوارئ هي الحالة التي ستسبب حالة رعب لهؤلاء ، أي كناية عن الضعف تظهرها في هيئة قوة!.

وبعد ذلك أختفت حالة الطوارئ وأصبح من المعتاد ومن الممل أن نرى خبر حدوث إنفجار ، ونرى بمعنى فقط نرى ، أي نرى الخبر على شريط القناة السفلي ليس حتى كخبر هام تذيعه المذيعة الرشيقة للقناة ، ربما لو كان خبر “إعتراف أحمد عز بتوأمه من زينة وتصالحمها” كان خبر أهم كفيل بأن تذيعه نفس المذيعة الرشيقة.

لا أعلم كيف جاءت لنا الجراءة أن نفكر في توافر الأمور النووية في بلادنا ونحن لا نملك أجهزة تجسس مميزة ، لا نملك أجهزة تفتيش ذكية ، أبسط وسيلتين لمواجهة -إحتلال فاشل- بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، أصبحنا لا نملك حتى الذكاء المصري الخارق منذ إنتهاء عرض فيلم “الطريق إلى إيلات” في دور العرض.

عكس الإحتلال الإستقلال.. فحدثوني عن الإستقلال عندما يتم نشر قواتنا المسلحة في جميع أنحاء أرض عفا عليها الإحتلال من زمن -على حد قول البعض-.. حدثوني عن الإستقلال عندما يتم فرض حظر تجوال بالساعات.. حدثوني عن الإستقلال عندما تُقطع مياه وكهرباء عن مدينة بأكملها لمدة تعدت الثلاث ليالي في كثير من الأحيان.. حدثوني عن الإستقلال عندما تفقد مدينة كمدينة العريش بريقها الصيفي الساحلي الخلاب الذي كان يراودنا في طفولتنا ؛ بالمناسبة القطعية ؛ حدثني أخي العراقي عن روعة وجمال بغداد قبل الإحتلال.

كل هذا ويغضبون عندما ندون على “هاشتاج:#سيناء_مُحتلة” في مواقع التواصل الإجتماعي ، هذا بالقطع ليس من فرحتنا كما في إعتقادكم اللعين ، بالله إنه لمن غُلبنا وعجزنا.. سيناء ؛ تلك هي جزءُ من بلادنا ، جزءُ من تاريخ بلادنا ، جزءُ من ديننا ، بل جزءُ منا ، تربينا على أمجاد جيشنا التي دّونها على تلك الأرض وأفتخرنا بذلك أمام كل العالم على مدار أجيال ، فلماذا تريدون -عمداً كان أو سهواً- أن يُمحى كل هذا المجد المفتخر؟! ، نُريدها سيناء.. سيناء الحُرة بعقولنا كما هي دائماً سيناء الحُرة في قلوبنا.. نريدها حقاً.. أرض الفيروز..



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023