شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

خطاطيف السيسي – سيلين ساري

خطاطيف السيسي – سيلين ساري
أما الخطاطيف فصارت بكل مكان وليست على أسطح الأبنية، كي يقتات الجائعين من لحم الضحية ليبقوا على قيد الحياة

الشدة  المستنصرية كانت هذه المحنة في عهد الخليفة الفاطمي ( المستنصر بالله)و الذي استمرت خلافته قرابة ال ٦٠ سنة، وفيها ارتفعت الأسعار بسبب خلو مخازن البلاد من القمح، و نتيجة لانشغال رئيس الوزراء عن أمور البلاد واهتمامه فقط بأمور الوزارة والقضاء.

كما ضعفت شخصية الخليفة و فقد السيطرة علي من حوله من الوزراء، فكثر تغيير الوزراء و انتشرت الفوضى.

و لسوء الحظ أيضاً نقص منسوب مياه النيل حتي بارت الأرض وانتشرت الأمراض.

وبدأت الشدة المستنصرية وهي سبعة سنوات عجاف وسميت هذه السنوات السبع “بالغلاء العظيم”،  وقيل ان الأوبئة أبادت ثلثي مصر وكان الخليفة المستنصر يتحمل تكاليف تكفين ٢٠ الف متوفي يوميا، حتي افتقر هو نفسه ،و توقفت الصناعة والتجارة بل انعدمت، و انتشرت السرقات والسطو المسلح والانفلات الأمني، وادي انفلات الأمن إلى انفلات الجيش الذي تفكك تحت التحزب والتشرذم، و اشتد القحط والجوع ووصل الحال بأن الناس أصبحت تآكل الجيفة والميتة والقطط والكلاب.

والكثير من الحرائر لجأوا في ان يبيعوا أولادهم وبناتهم كعبيد وجواري، و كان الرجل أحيانا يقتل ابنه ليأكل لحمه، وكانت تصنع الخطاطيف على اسطح المنازل لاصطياد المارة في الشارع لأكلهم.

وبعد مرور أكثر من 60 سنة لحكم العسكر لمصر يتضح لنا أننا على أبواب “شدة سيساويه” فها هو التاريخ يعيد نفسه على نفس الأرض ونفس الشعب الذي رضخ للإهمال والتهميش بزمن المستنصر حتى عم الخراب والمجاعة البلاد.

حاكم أخرق أضاع البلاد والعباد،، يرى نفسه طبيب الفلاسفة العالم ببواطن الأمور، كل شيء بيده وكل يأتمر بأمره وحكومة وبرلمان مهمشين لا يعرفون شيئا عن أي شيء يدور بالبلاد، لا يهتمون إلا بمصالحهم الشخصية.

ها هي الأسعار أصابها السعار وها قد عم الغلاء العظيم و الناس يتضورون جوعا في صمت، يبحثون عن طعامهم ببين النفايات، وها هي الأمراض تفترس الصغير والكبير دون توفر للدواء ولا المستلزمات الطبية، وتوقف في البلاد كل شيء فالحاكم الهمام أعلن لجميع البلدان أن مصر ينهش كل شبر فيها الإرهاب وأنها صارت شبه دولة، فهرب المستثمرون والسياح وتوقفت المصانع وأفلست الشركات وخربت الفنادق والمزارات.

وها هو النيل قاب قوسين من الاختفاء عن أرضنا بسبب ما قام به فيلسوف الغبرة من التنازل عن حصة مصر من ماء النيل بموافقته على بناء سد النهضة

صار ينطبق على مصر المثل القائل: ( حاميها حراميها) فصاررت الشرطة تتواجد للجباية ولا توفر الأمن إلا لأفرادها أما الشعب فما بين مسروق ومقتول ومطارد.

أما الجيش فقد ترك مهمته الأساسية وهي حماية الحدود وتفرغ للحكم والاقتصاد  فأصبح  بدلا من ان يبني مجد أمة بحمايتها صار  يبني إمبراطوريات اقتصادية لجنيرالاته، فقد هدموا اقتصاد الدولة لصالح اقتصاد الجنيرالات، صار الجيش جيش مرتزقة بيد الحاكم  المجنون يرسل منه جنود تقاتل خارج حدوده من أجل حفنة من الدولارات يضعها بحسابه الخاص، أو يرسلهم كرشوة لترضى عنه بعض الدول ويظل على كرسي الحكم.

أما الخطاطيف فصارت بكل مكان وليست على أسطح الأبنية، كي يقتات الجائعين من لحم الضحية ليبقوا على قيد الحياة.

إنما هي خطاطيف من نوع أخر إذ يطلق زعيم الانقلاب كلابه الضالة من “أمنه الشخصي” المسمى خطأ “بالأمن الوطني” يختطفوا الناس من الشوارع والعمل والبيوت والجامعات وليختفوا فترة ثم يظهروا إما متهمين بقضايا لا يعلمون عنها شيء، أو كقتلى ويلفق لهم أاتهام أنهم ماتوا في تبادل أطلاق نار مع الشرطة.

اختطاف لا يقصد منه إلا بث الرعب داخل قلوب الشعب حتى لالا ينتفض ضد الحكم العسكري الفاشي، مئات اختفوا ليظهروا بعد ذلك قتلى بتهم غريبه وأهرهم أمس ثلاث شباب تم تصفيتهم بدم بارد  بعد أن لفقوا لهم التهم المعتادة وألقوا بجثمينهم بأحد الشقق بمركز منفلوط بالطريق الصحراوي الغربي لمحافظة أسيوط.

وهم:

1- علاء رجب أحمد عويس، مختفي قسريا منذ سبتمبر الماضي.

2- عبدالرحمن جمال، مختفي قسريا من يوم 25 أغسطس الماضي.

3- محمد سيد حسين زكي، مختفي قسريًا منذ 11 أكتوبر الماضي.

وقبل هؤلاء كثير وبعدهم ربما كثيرا أيضا، لقد صرنا جميعنا تحت نير الاختطاف بخطاطيف وكلابات السيسي والعسكر حتى يستقر لهم حكم البلاد، لقد صارت مصر من أوائل دول العالم في حالات الاختفاء القسري والقتل خارج القانون.

وما زال الشعب يلوك الذل مستمتعا بطعم العلقم، لا يرفع رأسه من سجود لطاغوت أزهق أنفاسه لسنوات ليقول الله أكبر فتستقيم قامته



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023