شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

عن اعتقال العتوم (الطغاة لا يقرأون) – علي خيري

عن اعتقال العتوم  (الطغاة لا يقرأون) – علي خيري
الطغاة لا يقرأون، لذلك فهم ضعفاء مهزوزي الشخصية، يحسبون كل صيحة عليهم، ينظرون للمثقف برعب مشوب بالحقد، فهم لا يفهمون معظم ما يقول، ويتمنون لو كان في صفهم

 

“أمة تحترم الكتاب جديرة بأن تقود العالم، وأمة تدوسه بأقدامها، جديرة بان تداس هي بالأقدام، وأن تكون ذيل الأمم تابعة ذليلة” د. أيمن العتوم

اعتقل الروائي الشاعر الدكتور أيمن العتوم، وقد زعموا أنهم أعتقلوه بسبب رواية اسمها “حديث الجنود”، والمضحك المبكي في هذة الواقعة التي يندى لها الجبين، أن الرواية المتسببة في الاعتقال، منشورة من سنتين تقريبا.

الطغاة لا يقرأون، فمن الواضح أنهم لم يسمعوا بالرواية إلا بعد أن نوقشت في برنامج تلفزيوني – برنامج “خارج النص” المذاع على فضائية الجزيرة- وخيل إليهم من سياق الكلام أنهم قد يكونوا مقصودين بالرواية.

الطغاة لا يقرأون، لذلك فهم ضعفاء مهزوزي الشخصية، يحسبون كل صيحة عليهم، ينظرون للمثقف برعب مشوب بالحقد، فهم لا يفهمون معظم ما يقول، ويتمنون لو كان في صفهم، فيضطرون أن يسكتوه على سبيل الاحتياط، هذا بالطبع إن لم يبيع المثقف مبادئه ويطبل للطاغية، ولكني أحذر هذا المطبلاتي فهو يجب أن ينزل بمستوى نفاقه للحد الذي يفهمه الطغاه، وإلا حسبوا مدحه ذما، وضاع تطبيله في الهواء، وضاع هو وراءه.

الطغاة لا يقرأون، فهم يتبعون أسلوب المنع والمصادرة من قديم الأزل، وفي كل زمان ومكان هذة سياستهم –أتواصوا به، بل هم قوم طاغون- هم لا يعرفون أن الخلود يكتب دوما للروايات المصادرة، طالما تصور الطاغية أنه يستطيع كتم الصوت المناوئ له بالمصادرة ولكنه غالبا ما يفشل، ويكتشف أنه يفتح باب جديد لمقاومة طغيانه، فبمجرد أن يعلن الطاغية عن مصادرة كتاب أو منعه تجد أن الطلب يزيد جدا على الكتاب المصادر، ويتهافت الجميع على معرفة محتواه، وهو بهذا يعطي الكاتب قوة أكبر وشعبية أوسع، وأبلغ دليل على ذلك شهرة روايات جورج اوريل( مزرعة الحيوان -1984) ولكنهم كما قلت لك لا يقرأون.

“أيها القادرون على التحرر من مخاوفكم:اصنعوا تاريخكم بأنفسكم, واكتبوا مجدكم بأيديكم؛فإن الطاغية الذي يصب البندقية على صدوركم ليس الا صنما من زجاج, إن نظرتم إليه بعين اليقين خر من عليائه متناثرا متكسرا” د. أيمن العتوم

قدر الكاتب أيمن العتوم على التحرر من مخاوفه، وعبر عما يحدث للألاف داخل سجون الطغاة ومعتقلاتهم، صرخ بأعلى صوته كاشفا عن جرائم بشعة وفظيعة مارسها الطغاة ومازالوا يمارسونها ضد شباب البلاد التي ترزح تحت طغيانهم، والرجل صاحب تجربة حقيقية في سجون الطغاة، لذلك فروياته تنضح بالصدق.

استطاع الشاعر أيمن العتوم أن يصنع تاريخه بنفسه، عندما عبر عن قضايا أمته، ونادى في قصائدة الرائعة القوية على أمته النائمة، وأقرب مثال على ذلك أنه نشر قبل توقيفه بيوم على مدونات الجزيرة قصيدة في غاية القوة والجمال عن شيخ القدس الأسير رائد صلاح، وكانت القصيدة بعنوان “لا تلق سيفك”، وكان يصرخ فيها في وجه الطغاة ويتهمهم بالخسة والتخاذل لسكوتهم عن أضطهاد الشيخ داخل سجون الاحتلال “صمتت زعامات العروبة خسة، ووقفت في ليل الشدائد مفردا” فما كانت إلا ليلة وحل هو الأخر في سجون الطغاة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023