شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أين تتجه أنظار العرب والمسلمين في الانتخابات الفرنسية؟

أين تتجه أنظار العرب والمسلمين في الانتخابات الفرنسية؟
يومٌ تلو الآخر يحتدم الصراع في فرنسا مع اقتراب السيناريو الانتخابي الرئاسي، المقرر في 23 أبريل المقبل، في واحد من أكثر السباقات الانتخابية تنوعًا خلال عقود، بعد تصريح الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند بعدم خوض السباق لتولي

يومٌ تلو الآخر يحتدم الصراع في فرنسا مع اقتراب السيناريو الانتخابي الرئاسي، المقرر في 23 أبريل المقبل، في واحد من أكثر السباقات الانتخابية تنوعًا خلال عقود، بعد تصريح الرئيس الفرنسي الحالي فرانسوا هولاند بعدم خوض السباق لتولي فترة رئاسة ثانية؛ فهل يمكن أن تكون للكتلة ذات الأصول العربية والإسلامية كلمة الفصل؟

الكتلة العربية

يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة باريس الثامنة حسن مصدق إن “حجم الكتلة الانتخابية للفرنسيين من أصول عربية يختلف عن حجم الكتلة الانتخابية للفرنسيين المسلمين؛ لكنه يحسب من بين تلك الكتلة التي يفوق عددها 4.5 ملايين في التقديرات الرسمية، لكن هذا الرقم في نظر المركز الوطني للإحصاء (INSSE) المهتم بالإحصائيات الديموغرافية يقفز إلى سبعة ملايين نسمة، وهو ما يوازي نسبة 10.23% من العدد الإجمالي للسكان”.

ويوضح: “الكتلة الانتخابية العربية الإسلامية الموثوق منها لا تتجاوز مليونَيْ ناخب، صوّت منها لصالح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في انتخابات الدور الأول من الانتخابات الرئاسية في 2012 حوالي 55.5% من المصوتين من ذوي الأصول العربية، وصوّت حوالي 7% لصالح المرشح نيكولا ساركوزي، بينما عزفت البقية عن التصويت، وفقًا لتقديرات مستقاة من صناديق الاقتراع تناقلتها وسائل الإعلام عقب الانتخابات”.

ويشير “مصدق” إلى أن الكتلة الانتخابية للصوت العربي المسلم تتسم بأنها غير منسجمة التوجه، وضعيفة التكوين سياسيًا في ضوء غياب نخبة سياسية عربية إسلامية فرنسية توجه هذه النخبة وتنير لها الطريق؛ بحيث يتكرر ما حدث في واقعة تصويت هذه الكتلة بأغلبية لصالح الرئيس جاك شيراك في انتخابات 2002، التي فاز فيها بأغلبية ساحقة بنسبة 82.21%، في ظل توحد المجتمع الفرنسي وفي قلبه هذه الكتلة خوفًا من خطاب اليمين المتطرف، الذي لم يحصل مرشحه جان ماري لوبان إلا على 17.79% من إجمالي المصوتين؛ في ردة فعل انتخابية تتسم بالانفعال ومحدودة التأثير في ما بعد الانتخابات”.

ويضيف مصدق: “أتوقع ألا يستفيد اليمين والاشتراكيون من هذه الكتلة الناخبة المهمة (ذات الأصول العربية) في الانتخابات الرئاسية المقبلة كما السابق. بل يمكن أن يتجه الجيل الثاني والثالث من الصوت العربي إلى الامتناع عن التصويت وتبني اختيارات راديكالية؛ بسبب الإحباط وصعود مدّ اليمين المتطرف والشعبوي بصفة عامة في انتخابات تشهد تقلبات سياسية استثنائية، مثل محنة فيون المتهم بتوفير عمل وهمي لزوجته واثنين من أبنائه، وعزوف هولاند عن الترشح، ثم ظهور شخصية ماكرون المثيرة للجدل؛ وهو ما يجعل الصوت العربي الإسلامي لُغزًا يصعب سبر أغواره”، على حد قول عالم الاجتماع الفرنسي الجزائري قدور زويلاي.

المشهد الانتخابي

يتوقع مدير الأبحاث بـ”المركز الوطني للأبحاث العلمية” والخبير في الشؤون الإسلامية فرانسوا بورغات ألا يختلف المشهد عما جرى في انتخابات 2012 التي نال هولاند فيها ما بين 86% و93% من أصوات الفرنسيين العرب والمسلمين، وفقًا للتقديرات المستقاة من صناديق الاقتراع”.

وبسبب هذه الضبابية في المشهد الانتخابي، ينادي باحثون فرنسيون عديدون -من بينهم فابيان جوبارد وروني ليفي من “المركز الوطني للعلوم الاجتماعية” منذ عام 2009- بالانفتاح على الإحصاءات الإثنية والدينية، كما هو معمول به في كثير من الدول الأوروبية، كما أن مرشح حزب “الجمهوريين” (يمين الوسط) فرانسوا فيون طالب صراحة بالسماح بإجراء إحصاءات على أساس العرق قبل عامين، حين تحدث عن الوافدين الجدد إلى فرنسا وقال: “يجب أن نعرف من نستقبل وما الذي يصير عليه هؤلاء وكيف يندمجون. لهذا السبب؛ يجب إنجاز إحصاءات إثنية”.

ثقافة الجمهور

ويرى الباحث في وزارة الدفاع الفرنسية إليامين ستّول أنه “كلما كان الجمهور مثقفًا انتقى مرشَّحَه بعناية ودرَسَ برنامَجَه الانتخابي بتمعن”، وهذا “ما يجعل كثيرًا من الشباب العربي المسلم يميل نحو أحزاب اليسار والأحزاب المدافعة عن البيئة، بينما يميل أصحاب الأطر العليا إلى اليمين الجمهوري؛ بسبب تخفيفه الكبير من الضرائب”، في الوقت الذي “كان فيه الجيل الأكبر سنًا يصوّتون لصالح شيراك أو غيره لمجرد أنه زار مسجد الحيّ أو كانت له علاقات جيدة مع زعماء بلدانهم الأصلية”.

زيارة المساجد

ويؤكد المرشح البرلماني الاشتراكي غازي حمادي، التونسي الأصل، في مدينة مونتروي بالضاحية الباريسية، أن زياراته إلى المسجد الكبير في المنطقة ولقاءه بفعاليات تمثل عرب المنطقة ومسلميها كان لها كلمة الفصل في إيصاله إلى البرلمان؛ والدليل على ذلك أن الجالية ساهمت في إقصائه بشكل مهين جدًا في الانتخابات البلدية بمونتروي سنة 2014، بعد أكثر من سنتين من الحكم الاشتراكي.

اهتمامات العرب والمسلمين

ويوضح الباحث مالك بزوح، صاحب كتاب “فرنسا-الإسلام: صدمة الأفكار الجاهزة”، سبب رفض كثير من الفرنسيين من أصول عربية وإسلامية الإفصاح عن أصولهم بسبب التمييز الذي يستهدفهم، وبسبب رغبتهم في الظهور بمظهر المندمج.

ويقول إن القضايا التي يهتم بها العرب والمسلمون هي التي تأتي في أولوياتها الشغل والسكن والصحة والتعليم؛ لكن اليمين المتطرف وبعض دوائر اليمين الجمهوري يلجآن في كل استحقاق انتخابي إلى إقحام مواضيع الإسلاموفوبيا والإرهاب والهوية والوطنية والاندماج، وهو ما ورد مؤخرًا في برنامج المترشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان الانتخابي، والذي يدفع -أحيانًا- مرشحي اليمين الجمهوري للتماهي معه؛ وهو ما فعله المرشح فرانسوا فيون حين صرح قبل أشهر: “لا أريد أن أتحدث عن مكافحة انزواء بعض الجماعات، حتى لا أسمي المشكلةَ التي توجد لنا مع الإسلام. الكاثوليكيون والبروتستانتيون واليهود والبوذيون والسيخ لا يهددون الوحدة الوطنية”.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023